اليمن بين خلايا التجسس الأمريكية والنضال من أجل التحرر الوطني
انور حامد
في حقبة من الزمن كانت خيوط الحكم والسياسة في اليمن تُحاك في الظلام بعيداً عن أعين الشعب المطمئنة التي رأت في ثورة 11 فبراير بصيص أمل للتغيير
لكن ما لم يعلمه الكثيرون هو أن أيدي خفية كانت تدير دفة هذا الوطن أيدي لطالما ادعت الصداقة والدعم لليمن لكنها كانت تزرع السموم في قلب الوطن تحاول اختراق كل الاحزاب والمؤسسات والوزارات والسياسيون والاعلاميون والمثقفون والنخب وكل شخصية مؤثرة حتى تسللت إلى عقول وقلوب من ظن شعبنا يوماً انهم قادة له
إن الاعترافات الصادمة لخلية التجسس الأمريكية التي كشفتها الأجهزة الأمنية حول استهداف الواقع السياسي في اليمن لم تكن مجرد معلومات عابرة بل كانت طامة كبرى تهز أركان عقل الإنسان وروحه
إذ كيف لمخابرات أجنبية أن تتسلل إلى صفوفنا وتجند من بيننا من يديرون شؤون البلاد؟ رؤساء ووزراء ورؤساء أحزاب وإعلاميون ونواب في البرلمان كل هؤلاء جميعهم وقعوا في شراك التجنيد وكانوا كالدمى في مسرح أعدته السفارة الأمريكية في صنعاء تتحرك بخيوط غير مرئية تديرها أياد لا تهتم بمصير هذا الشعب بقدر اهتمامها بمصالحها وأجنداتها
لقد كانت أمريكا عبر سفارتها في صنعاء هي الحاكم الفعلي لليمن وهي من تدير أموره وتخطط لمستقبله المظلم ومن ظن أن التغيير أتى بعد ثورة 11 فبراير فقد خُدع فقد اخترقت الاستخبارات الأمريكية حتى هذه الثورة وجندت بعض قادتها الذي ظن شعبنا يوماً أنهم سيحملون راية النضال والحرية
ولعل الصدمة الكبرى كانت في اختراق مؤتمر الحوار الوطني تلك المنصة التي كان من المفترض أن تكون نبراساً للسلام والوحدة فإذا بها تتحول إلى ساحة لتجنيد المسؤولين والترويج للأقاليم وتفتيت البلد فقد كان الهدف واضحاً وهو تقسيم اليمن واغتيال الأحرار والانتقام ممن يرون فيه حاجز صد يحول دون تحقيق الأطماع الأمريكية
ومع ذلك جاءت ثورة 21 سبتمبر كصوت مدوٍّ في وجه كل هذه المؤامرات هذه الثورة التي نجحت بعون الله في إسقاط أقنعة العملاء وكشف مؤامراتهم فكانت ردود الفعل الأمريكية عنيفة إذ جندت عبيدها في المنطقة وقامت بتشكيل تحالف عدواني لأكثر من 17 دولة تتزعمهم السعودية والإمارات ليشنوا حرباً ضروساً على اليمن حرباً أرادوا من خلالها تدمير اليمن واحتلاله وسحق اليمنيين خلال اسابيع معدودة
وعلى مدى ثمان سنوات استخدمت امريكا وعملائها في المنطقة وعلى راسهم السعودي والاماراتي امبراطورياتهم الإعلامية وكل الوسائل الممكنة لتشويه اليمنيين الأحرار بشكل عام وتشويه أنصار الله وقياداتهم بشكل خاص لإغراق اليمن واليمنيين في مستنقع الفوضى والتشرذم ولكنهم رغم كل جهودهم التي بذلوها في سبيل ذلك فشلوا في تحقيق أهدافهم وبقيت اليمن بفضل الله وبفضل ثورة 21 سبتمبر وقائدها وجماهير شعبنا عصية على الهيمنة والاحتلال ومحمية بروح أبناء اليمن الأحرار وإرادتهم التي لا تنكسر
وفي النهاية لولا نجاح ثورة الواحد والعشرين من سبتمبر في التصدي لتدخلات أمريكا وجواسيسها في الداخل والتصدي لعملائها في المنطقة لكان مستقبل اليمن واليمنيين في مهب الريح
لكن اليوم يمكننا أن نقول بفخر إن اليمن وبرغم كل الجراح لا تزال حرة وصامدة بوجه كل الأعداء وتسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أفضل غير آبهة بمن يحاول النيل منها.