الحرم المكي.. بين كورونا و “انفتاح” بن سلمان

عبدالرحمن حسين العابد

أيا كان نوع القرار التي أعلنت عنه السعودية، حول منع أداء فريضة الحج لهذا العام، بذريعة تفشي فيروس كورونا المستجد، فإنها واقعة في مواجهة الأمة الإسلامية كلها.
وأثارت ما تعتبره السعودية تحولات في الانفتاح على العصر، بترويجها لأشكال المجون والدعارة في قلب أقدس أمكنة المسلمين، انزعاج العديد من الدول الإسلامية، إلى الحد الذي أمكن لمراقبين القول بأن لقاء أو قمة مجموعة الخمس الإسلامية: (أيران، تركيا، اندونيسيا، ماليزيا، قطر) في ال18ديسمبر العام 2019، في ماليزيا، وسط مقاطعة سعودية، وحضور ممثلين عن أكثر من 20 دولة إسلامية، يأتي تعبيرا عن جانب من انزعاج المجموعة من إجراءات سعودية من شأنها أن تمس بقداسة الحرمين الشريفين، ومكانتهما في نفوس الشعوب المسلمة، ولا تزال القرارات العلنية والسرية لذلك الاجتماع سارية حتى اليوم.
واعتمد المراقبون في تفسيراتهم، على أن قمة الخمس الإسلامية، تمت الدعوة لإقامتها عقب شروع السعودية في إنشاء المراقص والمسارح الليلية، والترويج لما وصفته بالدعارة الحلال، في بلاد الحرمين.
يجوز التنبؤ بالقلق السعودي المتعاظم، ليس إزاء امتناع المسلمين عن تأدية شعائر واحد من أركان الإسلام ومنعهم، ولكن حيال خسائر اقتصادية باهظة ستنتج عن هذا الامتناع. حيث تعد إيرادات الحج والعمرة ثاني أكبر مصدر للدخل في السعودية بعد النفط والبتروكيماويات.
و تمثل الشعيرتان الإسلاميتان عاملا حيوياً لتدفُّق النقد الأجنبي وخلق فرص العمل وتحسين ميزان المدفوعات في المملكة، كما “تمكِّن الشعيرتان السعودية من تحقيق إيرادات تصل إلى 12 مليار دولار سنوياً، منها ما يبلغ 9 مليارات دولار في موسم الحج فقط، ويمثِّل كل من الحج والعمرة معاً 20 بالمائة من الإيرادات غير النفطية في البلاد”.
ومؤخرا، أفصحت توجهات وخطط رسمية، عن أبعاد اقتصادية لأشكال الانفتاح الذي بدأت اعتمادها السعودية( بلاد الحرمين) بإنشاء المراقص والملاهي والمسارح الليلية، والدعارة الحلال، في العديد من مدن المملكة، لتشمل مكة المكرمة والمدينة المنورة.
وتروج هيئة الترفيه الثقافي والسياحي بالمملكة لهذه النشاطات، بوصفها تحولات مهمة على طريق استحقاقات متوقعة من رؤية 2030، كما تضفي عليها تبريرات اقتصادية؛ فالبلد الذي ينفق مواطنوه المليارات من العملة الصعبة على الدعارة في الخارج، هو أولى اقتصاديا بهذه المليارات، وفقا لمسؤولين في الهيئة التي يقولون إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يشرف بنفسه على خطواتها وإجراءاتها أولا بأول.
ومع كل ما تبذله السعودية، لتقديم تحسينات في صورتها المشوهة أساسا، بادعاءات الانفتاح الديني والثقافي والاجتماعي، فإنها أعجز من أن تغطي على نقائضها الفادحة مع كونها معقل بلاد الحرمين الشريفين، مأوى أفئدة الملايين من مسلمي كوكب الأرض، وإدعائها بأنها حامي حمى الإسلام والمسلمين.
ويمكن القول بتناغم القرارات الأخيرة للسلطات الاندونيسية وكذلك الهندية، والتي تضمنت إلغاء رحلات الحج لهذا العام، مع تسريبات عن وقائع قمة الخمس الإسلامية، تحدثت يومها عن أن المجتمعين تدارسوا أشكال مقاطعة مع النظام السعودي، وأن من بين ما تم مناقشته هو مقاطعة موسم الحج، بمبرر معلن هو تفشي كورونا، وبهذا توصل الدول الإسلامية رسائلها إلى السعودية، لمراجعات في طبيعة إجراءاتها المسيئة للمقدسات، ولعودة الأمور إلى نصابها الصحيح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com