مهدي المشاط الرئيس والباحث رؤية أكاديمية لثورة غيرت المعادلات

أنور حسين حامد

في عالم السياسة حيث تترنح الدول بين أمواج التغيير وتتصارع القوى على رسم خرائط النفوذ يبرز الباحث مهدي محمد المشاط رئيس الجمهورية اليمنية كقائد للفكر وصانع للرؤية ومحرك للوعي حيث يتجلى شغفه العميق بفهم التحولات الكبرى التي تعصف بالمنطقة لقد جاءت رسالته لنيل درجة الماجستير في العلوم السياسية تخصص العلاقات الدولية تحت عنوان
“ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر وتأثيراتها على الجمهورية اليمنية والمنطقة العربية”

لتكون شهادة علمية على مرحلة استثنائية ومنظورًا بحثيًا يحلل إحدى أكثر الثورات تأثيرًا في التاريخ العربي المعاصر .

ليس مألوفًا أن يجمع زعيم سياسي بين ثقل المسؤولية وصرامة البحث الأكاديمي لكن الرئيس مهدي المشاط أثبت أن السياسة ليست مجرد ميدان للممارسة بل ساحة للفكر العميق والتحليل المنهجي في دراسته لم يكن المشاط مجرد مؤرخ للأحداث بل محللًا استراتيجيًا ينظر إلى ثورة 21 سبتمبر باعتبارها مفصلًا تاريخيًا لم يكن حدثًا عرضيًا بل نقطة تحول غيرت موازين القوى الداخلية والخارجية .

لقد حملت ثورة 21 سبتمبر 2014 في طياتها تداعيات عميقة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية إذ لم تكن مجرد انتفاضة ضد منظومة سياسية تقليدية بل كانت انفجارًا شعبيًا أعاد تشكيل المشهد السياسي اليمني وجعل البلاد فاعلًا إقليميًا في معادلات القوة رغم كل التحديات والمؤامرات التي حاولت إخماد وهج الثورة وإعادتها إلى مربع التبعية والهيمنة الخارجية.

في رسالته لم يكتف الرئيس مهدي المشاط بسرد الأحداث بل غاص في أعماق الأسباب الجذرية التي مهدت للثورة محللًا تفاعلاتها مع الداخل اليمني وانعكاساتها على النظام السياسي والتركيبة الاجتماعية والاقتصاد ومسارات الصراع كما لم يغفل الأبعاد الجيوسياسية وكيف أربكت الثورة حسابات القوى الإقليمية والدولية التي وجدت نفسها أمام يمن جديد يتمسك بقراره السيادي ويكسر قيود التبعية بل ويمتد تأثيره إلى خارطة الصراعات والتحالفات في المنطقة .

نعم يمكننا اليوم أن نقول بفخر إن ثورة 21 سبتمبر بقيادة السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله والرئيس مهدي المشاط خلقت معادلة جديدة للصراع في الشرق الأوسط حيث أصبح اليمن لاعبًا لا يمكن تجاوزه ولم يعد مجرد ساحة لتصفية الحسابات بل مركزًا لصياغة التحولات الكبرى وهو ما تجلى في المواجهة المباشرة مع الهيمنة الأمريكية السعودية طيلة عقد كامل وكذلك المواجهة المباشرة مع ثلاثي الشر ( أمريكا وبريطانيا وإسرائيل) والانخراط الفاعل في دعم قضايا الأمة وعلى رأسها القضية الفلسطينية التي وجدت في صنعاء نصيرًا حقيقيًا وليس مجرد داعم بالشعارات .

إن ما يميز هذه الرسالة أنها لم تكتب من برج عاجي بل جاءت من رجل عاش الحدث وقاد سفينة البلاد في خضم أعتى العواصف وهنا تتجلى قيمة هذا البحث حيث يمزج بين الرؤية الأكاديمية المجردة والتجربة الواقعية مما يمنح البحث مصداقية نادرة ويجعل من الرسالة وثيقة سياسية وفكرية يمكن أن يستفيد منها الباحثون وصناع القرار وكل من يسعى لفهم كيف يمكن لثورة شعبية أن تصمد في وجه أكبر تحالف عدواني عرفه العصر الحديث بل وتنتصر عليه ؟ .

ليست ثورة 21 سبتمبر مجرد لحظة سياسية بل زلزال أعاد تشكيل اليمن والمنطقة والرئيس مهدي المشاط بصفته قائدًا وسياسيًا وباحثًا أثبت أن القيادة الحقيقية لا تقتصر على إدارة الدولة بل تمتد إلى إنتاج المعرفة وترسيخ المفاهيم وتوثيق اللحظات المفصلية للأمة .

إن هذه الرسالة العلمية تقدم للعالم شهادة حية على أن الشعوب الحرة لا تهزم وأن التاريخ لا يكتبه الأقوياء بالسلاح فقط بل يكتبه أولئك الذين يفهمون سنن التغيير ويجيدون قراءة مساراته ويملكون الشجاعة لترجمته إلى واقع جديد وهذا ما قام به الرئيس من خلال رسالته المميزة .

كلنا نعرف أن الجمع بين العمل السياسي الميداني والبحث الأكاديمي ليس بالأمر الهين غير أن الباحث مهدي محمد المشاط استطاع بمهارة أن يمزج بين التجربة السياسية والخلفية الأكاديمية ليخرج ببحث يحمل قيمة معرفية تتجاوز الإطار النظري إلى استقراء الوقائع واستنباط الدروس وهذه الرسالة بما تضمنته من تحليلات ورؤى ليست مجرد بحث أكاديمي فقط بل وثيقة فكرية تسلط الضوء على إحدى أبرز الثورات اليمنية والعربية في القرن الحادي والعشرين .

بهذا الإنجاز يكون الباحث قد سطر شهادة علمية موثقة لأحداث مفصلية ليس باعتباره مجرد باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية بل كشاهد على العصر وقائد عاش تفاصيل التحولات الكبرى فوثقها بعين السياسي وقلم الأكاديمي .

ولا يسعني في هذا المقام إلا أن أهنئ زميلنا في الدفعة فخامة الرئيس مهدي محمد المشاط على هذا الإنجاز الكبير.

ألف مبروك رئيسنا العزيز .

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com